شادي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى تعليمي لمناقشة العلوم الفيزيائية و الكيميائية خصوصاً و باقي العلوم عموماً

المواضيع الأخيرة

» ارجو حل المسالة
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالسبت مارس 30, 2013 1:41 pm من طرف manar ahmed

» حل مسائل المعايرة للبكالوريا
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالسبت مارس 30, 2013 1:33 pm من طرف manar ahmed

» ما المقصود بالفوسفور الأبيض الذي استخدمته إسرائيل ضد المدنيين في حربها الغاشمة على غزة؟
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالإثنين يناير 11, 2010 6:00 pm من طرف دعاء

» هل الأرض في مشكلة حقاً
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالخميس يناير 07, 2010 5:40 pm من طرف شادي

» هل الأرض في مشكلة حقاً
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالخميس يناير 07, 2010 5:40 pm من طرف شادي

» هل الأرض في مشكلة حقاً
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالخميس يناير 07, 2010 5:39 pm من طرف شادي

» هل الأرض في مشكلة حقاً
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالخميس يناير 07, 2010 5:12 pm من طرف فاطمة الخليف

» الروث والطاقة
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالخميس يناير 07, 2010 4:26 pm من طرف ميس بلول

» سيارة جديدة من كيا موتورز
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالخميس يناير 07, 2010 4:08 pm من طرف شادي

» الهوائيات النانوية ...مصادر للطاقة الكهربائية
الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 5:55 pm من طرف شادي

التبادل الاعلاني


    الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت

    دعاء
    دعاء


    المساهمات : 9
    تاريخ التسجيل : 18/09/2009
    العمر : 41
    الموقع : اللاذقية

    الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت Empty الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت

    مُساهمة  دعاء الجمعة نوفمبر 20, 2009 11:09 am

    الزئبق بين كيمياء الحياة وكيمياء الموت العنصر الذي قتل نابليون وملك السويد ايريك الرابع عشر.. وأم هاملت في مسرحية شكسبير
    لمحة تاريخية :
    لا احد يعرف بالضبط تراكيب المركبات السامة وأنواعها التي استخدمها البشر في غابر الزمان لقتل خصومهم. لكن وبلا أدنى ريب يمكن الجزم أن تلكم السموم كانت نباتية المنشأ إذ طالما استخدمت النباتات منذ قديم الزمان كأدوية وعقاقير شافية أو مهدئة للآلام أو حتى مخدرة كنبات الخشخاش. فعلى وجه التحديد لا أحد يدري مثلا بم كانت تسقى السيوف والخناجر والسكاكين، أقصد بأي سائل فتاك كانت تنقع حتى تستحيل إلى آلات ليست جارحة فحسب، بل ومميتة طال الوقت أم قصر.
    أما من الناحية الثانية، فلقد عرف الإنسان قديما بعضاً من العناصر المعدنية السامة فوظفها كمواد سامة يجري تناولها إما مع الشراب أو مع الأكل عن طريق الفم فقط إذ لم يكن يعرف بعد خطر الغازات السامة ولا تأثير بعض القاتل منها. وأشهر هذه المعادن ــ وكانت متاحة لديه فيما يبدو ــ الزئبق والزرنيخ. استعمل هذان العنصران ومازالا على أوسع نطاق كسموم للتخلص من الخصوم. فالحلة التي أهداها ملك الروم لشاعرنا امرؤ القيس كانت منقوعة بخليط الزرنيخ والنورة الأمر الذي تسبب في تهرؤ جلد امرؤ القيس ومن ثم وفاته.
    وهذه الخلطة شائعة جدا حتى اليوم في بعض الأقطار العربية ولاسيما في العراق ، تستخدم لإزالة الشعر في الحمامات العامة ولإزالة شعر رؤوس وأرجل الخرفان قبل طهوها في أكلة (الباجة) الشهيرة في بلاد وادي الرافدين. تستعمل ذات الوسيلة تارة لإشباع جسد الانسان وأخرى للفتك به (رب ضارة نافعة).
    قصة الرصاص معروفة ودوره ــ كما يرى بعض علماء التاريخ اليوم ــ في المساهمة في انهيار الامبراطورية الرومانية أصبح معروفا الآن لدى الكثرة الغالبة من القراء . أما أول تنويه لذكر الزئبق كمادة سامة استعملت في جريمة قتل فقد جرى في مسرحية هاملت للشاعر العظيم شكسبير حيث قتل والد هاملت بصب الزئبق في إحدى أذنيه إذ كان نائما في حديقة قصره كما ورد في المسرحية. ما هو الجانب العلمي في هذه الجريمة؟ إنه الوقوف على حقيقة أن الزئبق وهو سائل معدني أثقل من الماء بثلاث عشرة مرة ونصف، يمكنه النفاذ من خلال بعض الأغشية كطبلة الأذن مثلا (وهو يمر حتى من خلال ورق الترشيح العادي شأنه في ذلك شأن الماء) ومن ثم الاستقرار في تجاويف الأذن الداخلية قريباً جداً من الدماغ مركز الجهاز العصبي كله. واليوم يعرف الطب الحديث خطورة بخار الزئبق على خلايا الأعصاب بالدرجة الأدنى. أجل ، بخار الزئبق. فالزئبق هذا المعدن الثقيل الذي يحتل المكان الثمانين في الجدول الدوري للعناصر وكتلة ذرته أكبر من كتلة ذرة الحديد بحوالي أربع مرات، هذا العنصر الثقيل دائم التبخر وبخاره جد خطير. ولم يكن يعرف عطارو الأزمنة الخوالي هذه الحقيقة إذ كانوا يبيعونه دونما حاجة لترخيص من جهة ذات اختصاص. كما كانت جداتنا تتداول هذا السائل السام ويدخلنه البيوت ليجبلن منه مع الحناء خلطة مستساغة لتلوين الشيب وتعفير الرأس من بعض المخلوقات الضارة. إذن فجداتنا كن قد استخدمن الزئبق كمادة مسفرة أو مبيدة للحشرات قبل أن يهتدي علماء البيولوجي والبيئة والزراعة إلى ذلك بزمن لا يعرف مداه إلا الله.
    ذاك لأن تاريخ الزئبق غير معروف لكنه وجد حتماً بعد الحديد والنحاس والرصاص. ولم يركز الانسان القديم عليه لسبب واضح: أنه كان بمسيس الحاجة للآلات القاطعة والجارحة كسلاح للدفاع والهجوم (ويصنف الانسان اليوم السلاح إلى صنفين: هجومي ودفاعي) والحفر في الأرض لشق القنوات التي تجلب له ولمواشيه الماء أو لدفن موتاه، وللتنقيب عن الأشياء الأكثر صلادة. أو حتى في حفر الكهوف والمغارات في التلال والجبال. وطبيعي أن لا ينتبه الإنسان للزئبق السائل طالما أنه لا يضاهي الحديد أو النحاس متانة وقواما. جرى ذكر الزئبق في مقدمة ابن خلدون ((القرن الثامن والتاسع الهجري) كما جرى ذكره قبل ذلك في رسائل أوائل من تعاطى الكيمياء من العرب كجابر بن حيان الذي عاش في القرن الثاني للهجرة.
    كما يروي علم الذرة الحديث قصة طريفة حول مأساة نابليون في اتباع طريقة التحليل التنشيطي بالنيوترونات Neutron Activation Analysis لإحدى شعرات رأس الامبراطور نابليون بونابرت ظهر أنه مات مسموما بالزرنيخ ولم يمت في سجنه حتف أنفه وبأجله المرسوم . كان ذلك عام 1821 للميلاد. كما كشف التحليل التنشيطي لشعر الملك السويدي ايريك الرابع عشر المتوفي في 1577 للميلاد فجأة إثر تناوله شوربة بازلاء، كشف هذا التحليل أن الملك كان قد تناول كميات قاتلة من كل من الزرنيخ والزئبق .
    كذلك مازال سرا نوع السم الذي تسرب إلى حبات العنب التي مات بها علي بن موسى الرضا مسموما في مدينة طوس عام ثلاثة ومائتين للهجرة كما يذكر المسعودي . وفي أيام الخليفة العباسي المأمون. ولا نوع المحلول السام الذي تتشبع به احجار الخواتم الكريمة فتغدو شديدة السمية حال أن تلقى في كأس ماء أو شراب.. وبهذه الطريقة ماتت الملكة والدة هاملت كما تسرد أحداث المسرحية .

    الزئبق :
    تنقسم مركبات الزئبق إلى قسمين:
    1 ــ المركبات غير العضوية
    2 ــ ومركبات الزئبق العضوية

    مركبات الزئبق غير العضوية:
    وغالباً ما يختصر هذا الصنف من مركبات الزئبق بوصفه الزئبق غير العضوي ويشمل ذلك معدن الزئبق نفسه.
    يعد الزئبق عنصرا نادرة قياسا إلى غيره من العناصر وأنه يحتل المرتبة السادسة عشرة من بين العناصر الموجودة في الأرض وأهم ترسباته هي تلك التي اكتشفت في اسبانيا وايطاليا والولايات المتحدة الامريكية وكندا والمكسيك والبرازيل والبيرو والصين واليابان والاتحاد السوفييتي والمجر ويوغوسلافيا والمانيا. كما تعد خامات الزئبق في اسبانيا من أغنى الخامات. تركيزا بالزئبق حيث قد تصل نسبته الي 10% في بعض الأحيان.
    ورجوعا إلى بعض التقديرات فإن 16 كيلومترا من سمك طبقة الأرض الخارجية فيه زئبق يشكل نسبة 7.2X10 ــ 6% وأن في المحيطات كمية من الزئبق تساوي وفق أحدث تقدير خمسين مليون طن متري. أما في الهواء فالزئبق موجود بتركيز يساوي 2 ــ 5 نانوغرام في كل متر مكعب من الهواء )(النانوغرام الواحد يساوي 10 ــ 9 من الغرام الواحد) وأكثر من ذلك أن الزئبق موجود في الماء وباقي المشروبات اليومية المعتادة بتركيز/ يتراوح بين 2 ــ 6 جزء بالبليون .
    لقد عرف الزئبق واستعمل في أغراض شتي منذ الزمان القديم كما ذكرنا آنفا . واليوم للزئبق اكثر من ثلاثة آلاف استعمال معترف بها سواء للزئبق نفسه أو لمركباته ومشتقاته العضوية منها وغير العضوية. وأن إجمالي انتاج الزئبق في العالم اليوم يتجاوز العشرة آلاف طن في العام يستهلك منها ثلاثة آلاف طن سنويا في الولايات المتحدة الامريكية نفسها. وإن الاستهلاك الرئيس للزئبق هو في حقل التحضير الكهربائي لغاز الكلور (بالتحليل الكهربائي لمحلول ملح الطعام) والصودا الكاوية. كذلك يتسعمل لتحضير الكيماويات الزراعية والصيدلانية كعوامل مضادة للبكتريا ومواد محافظة على مواد الزينة وصيانة شعر النساء، وكذلك في صناعة الورق وصيانة عجينة الورق، وفي تركيب الأصباغ، وللأجهزة الكهربائية، ومقاييس الحرارة والضغط، ويدخل في تركيب حشوة الأسنان، وفي عالم الكيمياء كعامل مساعد وكأقطاب كهربائية، وفي تحضير الملاغم المتنوعة. إن إنتاج الكلور والصودا الكاوية مثلاً عملية تفكيك كهربائي تتطلب استهلاك مقادير هائلة من الزئبق كقطب كهربائي غير ثابت. فالمصنع الذي ينتج مائة طن من الكلور في اليوم يستخدم كمية من الزئبق تتراوح بين 75000 و 150000 باوندا. وفي التقدير إن مصنعا كهذا يسرب للبيئة ما يقرب من 45.0 باوند من الزئبق مقابل إنتاج طن واحد من الكلور. او 000 1200 باوند زئبق في العام.
    إن أغلب هذا الزئبق يجد طريقه إلى البحيرات ومجاري الأنهار، وكميات أخرى تنتشر في الجو متعلقة بغاز الهيدروجين بحدود 20 ــ 30 ميلغرام في كل متر مكعب من الهواء. إن الصودا الكاوية (وهي القاعدة المعروفة هيدروكسيد الصوديوم) المحضرة بالطريقة السالفة تحتفظ لنفسها بنسبة من الزئبق تبلغ خمسة أجزاء بالمليون. كما تم الكشف عن وجود الزئبق في مركبات أخرى مثل كلوريدات الهيدروكربونات وحامض الخليك (الخل) والكلايكولات Glycoles وغاز ثاني أوكسيد الكاربون والأسمدة الكيميائية وحامض الكبريتيك وخامات السلفايد (يكون الكبريت فيها بالشكل الايوني ــs2) وفي فضلات العوامل المساعدة المستعملة في الصناعة كما في إنتاج كلوريد الفاينل Vinyl Chloride والأسيت ألدهيد Acetaldehyde كما أن الزئبق موجود في النفط الخام والفحم الحجري. فاستهلاك خمسمائة مليون طن من الفحم في العام الواحد يؤدي إلى إطلاق أربعمائة وخمسين طناً مترياً من الزئبق إلى البيئة . لا يتضمن هذا الرقم الزئبق الناتج من عمليات تكرير النفط الخام ولا من استهلاك نواتج التكرير التي قد تحتوي علي نسب عالية من الزئبق.
    إن أهم مركبات الزئبق غير العضوية هي خلات الزئبق وأكسيد الزئبق (الأحمر والأصفر) ثنائي التكافؤ، ونترات الزئبق وكلوريده أحادي التكافؤ. ويجري اليوم استعمال هذه المركبات الهامة في الزراعة كمبيدات ومطهرات ولمقاومة التعفن وفطريات الحبوب، كما تستخدم في الدور والحدائق في أغراض مماثلة. أما معدن الزئبق بشكله الحر فإنه واحد من أشد العناصر سمية في مجال استخدامه للقضاء على الحشرات الزراعية الضارة التي تنخر الحبوب والمحاصيل الأخرى وتتلفها. فالزئبق المعدني (Quicksilver تماماً كما ورد في مسرحية هاملت لشكسبير). استخدم في الهند في تحفير الحبوب (القمح والشعير والرز وغيرها) وهي في حاويات مغلقة معزولة عن الهواء تقريباً.
    هنالك مصادر متفرقة أخرى تساهم في تلويث البيئة بالزئبق منها:
    1 ــ بقايا وحطام بعض الأجهزة كالمحارير وأجهزة قياس الضغط والأنابيب الضوئية ذات التألق الوهاج Fluorescent Tubes ومصابيح الزئبق والبطاريات.
    2 ــ فضلات المستشفيات والمختبرات وعيادات طب الأسنان.
    3 ــ معالجة واستعمال بعض المواد الخام الحاوية على الزئبق كالكربون والطباشير والفوسفات.
    4 ــ استخدام بعض مركبات الزئبق للحيلولة دون تعفن الملابس من قبل أصحاب محلات غسيل وتنظيف الملابس.
    5 ــ صناعة الأصباغ وطلاءات الجدران وبقاياها ومواد إضافية يدخل الزئبق في تركيبها لمنع نمو العفن الفطري في هذه الأطلية والأصباغ.
    6 ــ واخيراً تنقية وتقطير الزئبق نفسه.

    الإنسان والزئبق:
    الزئبق موجود بشكل طبيعي في أنسجة جسم الإنسان يأتيه مع غذائه اليومي المعتاد. فهنالك نسبة تتراوح بين 2 ــ 4 مايكروغرام في المائة زئبق في كل من الخبز والدقيق والحليب واللحوم المختلفة. كما أن في بعض أنواع الفواكه نسبة أعلى من الزئبق على أن ذلك يتوقف كما هو متوقع على نوع وظروف التربة وما يرش من مبيدات ومطهرات ومخصبات. كما أن غداء الإنسان من الأسماك ولحوم الدواجن والطيور التي اكتنزت كميات كبيرة من الزئبق وخاصة المركب المعروف بالزئبق المثيلي CH3Hg+ Methylmercury والذي يأتيها من مصادر شتي ولاسيما الماء والهواء والأتربة المتساقطة الملوثة بدقائق ورذيذات الزئبق أو بخاره.. هذا النوع من اللحوم يشكل خطراً مباشراً على الإنسان. وبهذا الخصوص ويذكر سمك التن وسمك أبو سيف التي يتجمع فيها مقدار من الزئبق يزيد عن الحد المعقول والمقبول والمحدد بكمية تساوي نصف جزء بالمليون حسب تصريح إدارة الدواء، والغذاء الامريكية . إن مسألة إمكانية التحولات البايولوجية في البيئة وفي جسم الإنسان موضوع بالغ الأهمية. وبقدر تعلق الأمر بالزئبق:
    1 ــ امكانية تحول الزئبق غير العضوي إلى الزئبق المثيلي بواسطة بعض الأحياء المجهرية الدقيقة في ظروف ينعدم أو ينقص فيها غاز الأوكسجين.
    2 ــ تحول مركبات الزئبق الفنيلي Phenylmercury (وهي مركبات للزئبق العضوي) إلى الزئبق غير العضوي الذي يتحول بدوره إلى الزئبق المثيلي Methylmercury .
    3 ــ وأخيراً هناك إمكانية تحول مركبات الزئيبق الفنيلي Phenylmercuric Compounds إلى الزئبق غير العضوي في جسم الإنسان بشكل مباشر.


    سلوك الزئبق غير العضوي :
    يشكل بخار الزئبق وخليطه مع ذرات ودقائق الغبار والعوالق الهوائية الأخرى احد المخاطر الجدية في دنيا الصناعة بوجه خاص. فهناك دليل على أن هذا البخار يمتص من خلال الرئتين. وأن عملية الامتصاص هذه تتضمن تأكسد الزئبق كعنصر حر وظهوره في الدم بالشكل الأيوني ومن ثم تجمعه في الكليتين كموقع أساس سلوك بخار عنصر الزئبق هذا يشابه تماما سلوك محلول كلوريد الزئبقيك (يكون الزئبق في هذا المركب غير العضوي ثنائي التكافؤ HgCI2 أثر حقنة في مجرى الدم . هذا ولقد وجد أن تأكسد عنصر الزئبق يتم في كريات الدم الحمراء أساسا، وفي باقي الأنسجة بشكل ثانوي .
    كما أن تجارب أخرى قد بينت أن تجمع الزئبق في الدماغ بعد تعريض بعض الحيوانات لأبخرته هي عملية مشابهة في النتائج لعملية حقن محلول نترات الزئبقيك في دم هذه الحيوانات .
    وماذا يترتب على حقيقة أن عنصر الزئبق إنما يتأكسد في كريات الدم الحمراء؟ الجواب خطير بقدر ما هو بسيط: استهلاك غاز الاوكسجين في غير وجهه الأمر الذي يؤدي حتما إلى نقص الكمية التي تتطلبها الأفعال الحيوية في جسم الإنسان من هضم وتمثيل وحرق للفضلات وحركة عضلية وتفكير. وبقاء الفضلات بحد ذاته داخل الخلايا الحية يكفي لموتها بالتسمم اختناقا وحقيقة أخرى تنبع من طبيعة عنصر الزئبق حيث أنه يستطيع خرق جدران الخلايا والنفاذ من خلال أغشيتها الرقيقة بفضل عاملين اثنين: أولاهما قدرته على الذوبان في الشحوم، وثانيهما خلوه من الشحنات الكهربائية مما يجعله في منأى من عوامل التنافر الكهربائية المعوقة للحركة الحرة. أما أيون الزئبق ثنائي التكافؤ (الزئبقيك) فإنه شديد الميل للإرتباط بزلال (بروتين) مصل الدم (البلازما) وزلال الكريات الحمر (الهيموغلوبين) عن طريق الاتصال بمجموعات SH المسماة Sulfhydryl Groups والحاوية على الكبريت S
    لقد أثبتت التحليلات أن تناول جرعات كبيرة من أملاح الزئبق غير العضوية ينتج عنه مستويات عالية من تجمع الزئبق في كل من الكلى أولا والكبد بدرجة أقل، ويتساوي في ذلك الانسان والحيوانات التي أجريت عليها التجارب. كما بينت التحليلات أن تحرر الدماغ والغدة الدرقية وغدد التناسل الذكريات مما يتجمع فيها من زئبق يجري ببطء شديد الأمر الذي يؤدي إلى تركزه في هذه الأعضاء على مر الزمن.
    هذا وعلى الرغم من أن املاح الزئبق غير العضوية هي أكثر سمية وأشد خطراً من أملاح الزئبق العضوية، إلا أن بعض التجارب على الفئران قد بينت أن ملح خلات فنيل الزئبق العضوي Phenylmercury Acetate هو أشد سمية من ملح خلات الزئبق غير العضوي، وفسر ذلك في ضوء التفاوت الكبيرة في قابلية هذين النوعين من الأملاح على المرور خلال الأمعاء بالامتصاص. فلقد وجد مثلاً أن قدره أمعاء الفأر والإنسان على امتصاص أملاح الزئبق غير العضوية لا تتجاوز 2% بينما تصل هذه النسبة إلى 90% و أكثر في حالة الزئبق المثيلي CH3 HG+ Methylmercury وهو ملح للزئبق عضوي كما مر مرارا ذكره.
    وبشكل عام وجد أن تركيز الزئبق يتناقض في أجهزة الإنسان والحيوان مبتدئين بأعلى تركيز في الكلى ثم الكبد والدم ونخاع العظام والطحال والنسيج المخاطي في الأجزاء العليا من جهاز التنفس وجدران الأمعاء والجلد ثم غدد اللعاب فالقلب والعضلات والدماغ وأخيراً في الرئتين. كما أنه تمت البرهنة بالتجارب العملية أن أكبر تصريف للزئبق إنما يأخذ مجراه عن طريق الكليتين (أي يطرح مع البول) ومع عصارة الصفراء من الكبد وعن طريق غدد اللعاب (مع اللعاب) ومع الغائط. كما بينت تجارب أخرى (64 ــ 66 ) أن التحول البايولوجي داخل الجسم الحي لمركب مثل كلوريد الزئبق المثيلي يلعب دوراً مشهوداً في تيسير عملية طرح الزئبق والتخلص منه ومن شروره ومخاطره.
    فإذا تكسرت الآصرة التي تربط ذرة الزئبق بذرة الكربون في المركب آنف الذكر، فإن الزئبق غير العضوي المتبقي سوف يجد الطريق أمامه يسيراً للطرح من خلال الجهاز الهضمي وقناته الهضمية كما وجد أن التحول البايولوجي Biotransformation لمركبات الزئبق على الجدران الداخلية للزائدة الدودية (المصران الأعور) مسؤول عن وجود الزئبق غير العضوي في فضلات بطون البشر.
    الزئبق العضوي :
    شهدت العقود الثلاثة الأخيرة اهتماماً بمسألة أهمية وإبعاد خطر الزئبق ومشتقاته العضوية، ولاسيما الزئبق المثيلي، طالما أنه ثبت أخيراً أن الأشكال المختلفة للزئبق التي تطرح في البيئة والجو المحيط تتحول إلى الزئبق المثيلي (وهو مركب عضوي للزئبق) بفصل بعض الأحياء المجهرية الدقيقة Microorganisms لقد تمت دراسة الآثار الضارة للتلوث بالزئبق بشكل واسع ومعمق في الحالات التالية:
    2 ــ في منطقة مينامات في اليابان: حيث تم الكشف عن حالة تخدر الجهاز العصبي المركزي أصيب بها 111 شخصا مات منهم خمسة وأربعون ما بين عام 1953 و 1960،.
    2 ــ في حادث نيغاتا في اليابان أيضاً حيث عولجت ست وعشرين حالة تسمم بالزئبق مات خمسة مصابين من بين هذه الحالات.
    ففيما يتعلق بحادث ميناماتا تم اكتشاف تسع عشرة حالة شلل العمود الفقري بين المواليد الجدد للآباء والأمهات المصابين والمصابات في ذلك الحادث. ولا غرابة في هذا إذا علمنا أن بعض الباحثين (113 ) كان قد بين أن الزئبق المثيلي بالذات قادر على العبور من خلال مشيمة الأمهات الحوامل إلى أجنتهن أثناء فترة الحمل.، كما أن فحوصات كريات الدم الحمراء قد بينت أن تركيز الزئبق في كريات الأجنة يتفوق بمقدار 28% على تركيزه في كريات دم الأمهات.
    لقد قدر العمر النصفي البايولوجي للزئبق المثيلي في الإنسان بحوالي سبعين يوماً لكن المشكلة هي في مقاومته للتحول في الطبيعة خارج حدود جسم الانسان، وفي بقائه سمي الطبيعة لمدة طويلة هذه هي المشكلة، وهي تختلف عن حالة المواد المشعة ذوات الاعمار النصفية القصيرة حيث أنها تتحول بسرعة إلى عناصر أو مركبات مستقرة أي ليست مشعة وبالتالي لا تحمل أي خطر لأي كائن بشراً كان بشراً أو حيواناً أو نباتاً.
    لعل من الطريف معرفة أن السويد كانت هي السباقة في إيلاء موضوع تلوث البيئة بالزئبق هذا الاهتمام والمتابعة المعروفان اليوم. ونتيجة لذلك كشف النقاب عن مصادر الزئبق الملوث للزراعية والصناعة وعلاقة هذا الزئبق بآثاره التي وجدت في الأسماك وباقي الحيوانات البرية المدجنة منها وغير المدجنة والتي يتخذها الإنسان غذاء. كما تم العثور على الزئبق في أطعمة أخرى غير الأسماك في كل من الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة وكندا. فلقد بينت دراسات أجريت في هذه البلدان على اثني عشر صنفا من طعام الإنسان المألوف وجود الزئبق فيها بمقدار لا يتجاوز 02% جزء بالمليون. علما أن متوسط التناول اليومي للزئبق في الولايات التحدة الامريكية على سبيل المثال هو بحدود 25 مايكروغرام تدخل جسم الإنسان بالطرق المألوفة مع الطعام أو الشراب أو الهواء.
    رغم أن الزئبق المثيلي قد طغى على ما عداه من مركبات الزئبق العضوية الأخرى، فلقد أجريت الدراسات على التأثيرات التناسلية، لمركبات غير عضوية أخرى للزئبق وكانت ذبابة دروسو فيلا Drosophila Melanogaster وبذور التفاح من بين المواضيع التي اختيرت لدراسة التأثيرات الوراثية والتناسلية عليها، إذ كان التركيز على الطفرات الوراثية والتغيرات الشاذة التي تطرأ على سليقة السلالة أو النوع. كما تركزت دراسات أخرى على التأثيرات غير التناسلية لمركب هايدروكسيد فنيل الزئبق ونترات فتيل الزئبق على بعض النباتات المزهرة.
    وإذا رجعنا ثانية لحادث شواطئ مدينة ميناماتا اليابانية نجد أن التسمم في الأصل كان ناتجا عن كلوريد الزئبق المثيلي CH3HGC1 Methylmercuric Chloride الذي تكون في الطين والوحول وباقي النفايات التي يطرحها بشكل دوري مصنع يستخدم أوكسيد الزئبق مع حامض الكبريتيك كعامل مساعد في صناعة مركب الأسيت ألدهيد. هذه الوحول والفضلات المطروحة في شاطىء ميناماتا تسرب الزئبق العضوي فيها إلى المياه ومن ثم تركز في الأسماك والمحار. كما يسود الإعتقاد اليوم أن ثمة مصدر ثان للزئبق العضوي في مياه ميناماتا، ألا وهو كلوريد الزئبقيك HGCI2 الموظف كعامل مساعد في إنتاج مركب كلوريد الفانيل Vinyl Chloride فلقد وجد أن مرض ميناماتا قد ازداد انتشاراً مع الزيادة في إنتاج كلوريد الفانيل مما حدا بالسلطات المسؤولة إلى اتخاذ قرار منع صيد السمك في تلك السواحل. وكانت تلك السلطات على حق فلقد ظهر عام 1960 أن إنتاج عشرين ألف طن من مادة كلوريد الفانيل في مصانع ميناماتا تسبب في تسرب ألف كيلوغرام من الزئبق إلى الوسط المحيط والبيئة.
    لقد بات الآن من الجلي أنه وإن كانت تراكيز الزئبق المثيلي واطئة المستويات فإن في وسع هذا المركب أن يتراكم بالتدريج في السمك مع مرور الوقت ولعل هذا هو تفسير الظاهرة المسماة اليوم بمرض ميناماتا (الحالات التي تشابه في أعراضها إصابات شاطي ميناماتا اليابانية) وأهم أعراضها كما مر سابقاً خدر الجهاز العصبي المركزي وشلل العمود الفقري. فكل إصابة من هذا النوع تسمي مرض. ميناماتا بصرف النظر عن زمانها ومكانها. أما في الأنهار العذبة فيحصل تراكم الزئبق أساسا في الطحالب والاشنيات والبلانكتون التي تعتبر غذاءً ممتازاً لأسماك النهر وبالتالي ينتقل الزئبق إلى هذه الأسماك ومن ثم إلى الإنسان.
    ومما يثير التساؤل وجود آثار من الزئبق المثيلي في سمك بحار ومناطق جد نائية عن مصادر التلوث بالزئبق كالمحيط الهندي والمحيط الهادي وبحر بيرنغ والساحل الافريقي.أما هذا الأمر فيفسر إما بقدرة الأسماك على الهجرة البعيدة المترامية الأطراف إذ يمكنها الإقتراب والعيش ولو لفترة من الزمن في المياه الملوثة أو بالقرب من مصبات الأنهار الآسيوية والإفريقية والأوروبية الشهيرة التي تنقل تصاريف مياه المعامل والمصانع الكبرى الواقعة على ضفا فها، أو أن الزئبق موجود أصلاً في قيعان وصخور وترسبات المحيطات والبحار البعيدة عن مصادر الزئبق.وإذا كان الزئبق المثيلي هو الشكل السائد وجوده في الأسماك والإنسان فذاك بسبب قدرة بعض الأحياء المجهرية على تحويل الأشكال الأخرى للزئبق إلى هذا الشكل العضوي ذي الخصائص المتفردة. وإحدى هذه الخصائص قدرته على الإرتباط بأغشية الخلايا العصبية واختزال محتوي الحامض النووي RNA في هذه الخلايا وخاصة خلايا المخيخ وجذور العقد العصبية الظهرية.كما أن الزئبق المثيلي قد وجد في شعر رؤوس ضحايا ظاهرة مرض ميناماتا أينما كانوا وخاصة صيادي الأسماك الفرنسيين على سواحل المتوسط.
    وأكثر من هذا فالزئبق المثيلي موجود حتى في شعور رؤوس أناس لم يتعاملوا قط مع الزئبق موجود في شعورهم بصرف النظر عن الجنس والعمر والوظيفة وإن كانت مقاديره أقل من تلك الموجودة في ضحايا مرض ميناماتا. وكما كان متوقعاً فلقد وجد مركب الزئبق العضوي فنيل الزئبق Phenylmercury في أوراق نباتات الرز التي رشت ببخار هذا المركب في طور من أطوار نموها كعامل مضاد للحشرات.ووجد كذلك في حبات الرز ذاتها.

    دورة الزئبق الكيميائية :
    طالما أن الزئبق المعدني قادر على التبخر بشكل طبيعي في الظروف العادية فإن معنى ذلك أن للزئبق دورة في الوسط والبيئة المحيطة. فخامات الزئبق وترسباته في الأرض والصخور هي في الحق مصادر ثابتة لهذا البخار يوجد حيثما وجدت تلك الترسبات والخامات أن في الأرض أو في أعماق البحار. فالزئبق غير العضوي هو عرضه للتحول إلى أشكال أخرى عضوية تحت تأثير بعض أنواع البكتريا وباقي الأحياء المجهرية الدقيقة . فمثلا مركب كريتيد الزئبق HGS الذي لا يذوب في الماء، يتحول إلى الزئبق ثنائي التكافؤ HG2+ القابل للذوبان بعملية التأكسد بالبكتريا ومن ثم يتحول هذا الشكل من الزئبق بعملية الاختزال بواسطة بعض أنواع الانزيمات البكتريالية إلى الزئبق المعدني الحر ذي التكافؤ الصفري HG (O) وعن هذا الطريق يتحرر الزئبق بشكل بخار معدني إلى الوسط والبيئة. أما إذا توافق وجود الزئبق المعدني الحر HG10 مع الزئبق ثنائي التكافؤ HG2+ فإن هذا الوجود المشترك سيؤدي حتماً إلى ظهور زئبق أيوني احادي التكافؤ HG.
    يوجد عادة بشكل أيوني ثنائي الذرة HG2 2+ وهنالك طريق ثان لاختفاء الزئبق المعدني بتحوله مرة أخرى في البكتريا إلى شكل آخر بعملية الأمثلة METHYLATION والناتج هو إما CH32HG أما تفسير ما يحدث فانه كما يلي: إن فيتامين B12 فيه رابطة كيميائية تربط الكوبالت بمجموعة مثيل CO CH3 وإن مجموعة المثيل هذه مستعدة للالتحاق بالزئبق تاركة الكوبالت الأمر الذي سيتكون منه الزئبق المثيلي الأحادي الذي يمكن بدوره أن يتطور بعملية الامثلة إلى مركب الزئبق ثنائي المثيل.
    الزئبق المثيلي الأحادي الأيوني المتكون من ترسبات قيعان الأنهار والبحيرات والبحار ينتشر في مياهها ومن ثم يدخل في دورة الغذاء الكبري مبتدئاً بالأسماك والطحالب والأشنيات والبلانكتون ومنتهيا بالإنسان . أما الزئبق المثيلي ثنائي المثيل فشأنه شأن اخر: يتطاير في الجو متفككا تحت تأثير ضوء الشمس معطيا جذور المثيل الحرة والزئبق المعدني الحر. وبهذا تكتمل دورة الزئبق بوصوله إلى الغلاف الجوي مرة ثانية بعد رحلة طويلة غير مرئية يلعب فيها الحيوان والنبات أدوارا فضلاً عن البكتريا والأنزيمات بل وحتى الفيتامينات التي تتعطل فعاليتها إذا مرت بعض مراحل الدورة في جسم الانسان جراء انسلاخ مجاميع المثيل منها والتحاقها بالزئبق.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 5:32 pm