عن الحديد
عندما نسبر أغوار الكوكب الأزرق وهو كوكبنا كوكب الأرض، سنجد أن لب الأرض يحوي كمية ضخمة جداً من عنصر الحديد الذي ذكر القرآن الكريم بأن الله أنزله (عبر النيازك الساقطة على الارض والتي تحتوي على كميات من الحديد قد تصل الى 90% من كتلة النيازك)
ليستفيد الناس منه في إقامة الحضارة عبر هذه الدعامة القويةالموهوبة لنا من السماء." ... وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ... " آية 25- سورة الحديد.
نحن في ثقافتنا العامة نشير إلى قوة الحديد وصلابته عن طريق استخدام الأمثال الشعبية ومن ضمنها "لا يفل الحديد إلا الحديد" و كذلك "سنضرب بيد من حديد". ومن جهة أخرى فإن الحديد عنصر ضروري لحياة الانسان كونه يدخل في تركيب هيموجلوبين الدم وكذلك لحياة النباتات كونه يدخل في تركيب الكلوروفيل.
ولكن هناك سؤال يطرح نفسه بنفس قوة الحديد !
ما هي علاقة الحديد وقوته بالروابط المجتمعية ؟!!
هيا معاً أحبتي نستكشف هذه العلاقة العجيبة عبر أخذ الإجابة من الحديد نفسه !!
إذا نظرنا لموقع الحديد الإجتماعي بين أفراد أسرته (العناصر الكيميائية) والذي عددهم يفوق الـ100 عنصر، لوجدنا أنه يقع في المرتبة 26 (أي يحتوي على 26 إلكترون) ورمزه الكيميائي [Fe]، ودعونا نقول أن موقعه يقترب من وسط العائلة المحيطة به (شاهد الجدول الدوري أعلاه).
قال تعالى " وجعلناكم أمة وسطاً .. " ونحن يجب علينا أن نستفيد من وصف القرآن لنا بأن نجعل أنفسنا وسطيين في أغلب أمور حياتنا بعيداً عن التطرف بشقيه. ولو دققنا في كتابنا الكريم لوجدنا "فيه تبيان لكل شيء" وهو بالطبع قد سبق جميع العلوم الحديثة ومن ضمنها علم البرمجة اللغوية العصبية (NLP) والذي جزء كبير منه يتحدث عن هذه الوسطية، ويؤكد عليها وعلينا لنكون أقوياء ووسطيين مثل الحديد!
ولو تبحرنا قليلاً لنتعرف على بعض مميزاته لوجدنا بأنه فلز انتقالي، معدني ذو بريق لامع، صلب، درجة حرارة انصهاره عالية جداً، قابل للتمغنط، موصل ممتاز للحرارة والكهرباء والصوت، له معامل جيد للتمدد وله 7 نظائر.
لو أخذنا هذه المميزات بشكل إجمالي سنجد بأنه معدن قابل للطرق والسحب والتشكيل، بمعنى لو أردنا تطبيق الأمر على أنفسنا بنفس الصورة، فإنه يتوجب علينا أن نكون قابلين للطرق من صعاب الأمور، نتشكل مع شكل الظروف المحيطة بنا، مرنين مع الناس من حوالينا وخصوصاً أفراد أسرتنا الذين هم أقرب الناس إلينا، والذين تهمنا مصلحتهم وسعادتهم، وتهمهم مصلحتنا وسعادتنا بلا أدنى شك، فقد يقومون بإسداء نصيحة أو القيام بموقف ما ونحن نراه سلبياً في لحظتها، عند هذه اللحظة يجب علينا أن نذكر الحديد ونتأنى ونتحكم في رد الفعل الطبيعي الذي قد يصدر منا أو من أحد الأطراف أو حتى جُلّهم.
كذلك نجد الحديد يقوم بعمل روابط تساهمية أحادية أو ثنائية أو ثلاثية (نتيجة لعدم اكتمال مداره الأخير بالإلكترونات) وحيداً فريداً مع نفسه ليعطينا مادة الحديد القوية، والاسم العلمي للحديد هو [Ferrum] ولو قمنا على سبيل النكتة بتحريف اسمه بالعربية سنجد بأن اسمه يتحول لـ(]فرّ[ من الفرار) ولكننا على العكس سنجد بأن الحديد من أصلب المواد على الأرض عند الشدائد، والتي نستخدمها يومياً ولا غنى لنا عنها، لذا يجب علينا أن نكون بنفس الصلابة أو حتى أقوى منه في مصارعة الاهواء والنفس الأمارة بالسوء لنستطيع أن نقيم دعامة توصلنا بكل قوة لمرادنا في حياتنا الدنيا بصورة مشروعة، وكذلك للحياة الحقيقية في الاخرة والتي هي دار القرار. أيضاً يمكن أن يساهم الحديد بروابط تساهمية قطبية مع بعض إخوته العناصر الفلزية الإيجابية ليصنعوا مركّبات مفيدة مختلفة، وهذا ينطبق حقاً علينا نحن البشر في واقعنا الذي نعيشه حالياً في أننا نتساهم مع بعضنا البعض رغم اختلافنا في الفكر وطريقة الحياة، ونتشارك في السراء والضراء ونتحاور بشكل إيجابي نتيجة للوعي والثقافة التي تتنامى يوماً بعد يوم.
من جهة أخرى نجد أيضاً بأن عنصر الحديد يكون إيجابياً جداً عندما يرتبط بروابط أيونية قوية مع عناصر سلبية جداً بصورة أقوى من ارتباطه مع إخوته الإيجابيين أو حتى مع نفسه، وحقيقة الأمر أن الحديد يخبرنا بأنه يحتاج بصورة كبيرة جداً للإرتباط الوثيق مع تلك العناصر السلبية الموجودة في المجتمع وهم يحتاجونه أيضاً لأنهم في بوتقة واحدة وأنّ في الاتحاد قوة، وأنه يحتاج لحرارة عالية وضغط شديد حتى يفك علاقته بهم. ورغم هذا الانفكاك القهري أو الاختياري لا يفتأ الحديد إلا ويرجع ليبني روابط قوية جديدة عندما يبرد الجو ولو قليلاً لأنه يعلم لأن المصلحة مشتركة والنتيجة استفادة الجميع رغم الاختلاف الواضح في وجهات النظر.
ومن عجائب الحديد أنه يتمغنط !
البشر كذلك يتمغنطون !؟
كيف ؟؟!
قطعة الحديد يمكن أن تتمغنط باستخدام عملية الدلك أو التأثير(الحث) أو الكهرباء، عبر ترتيب الجسيمات المغناطيسية بداخلها في اتجاه واحد، وكذلك يفقد الحديد مغنطته عند طرقه بشدة أو بتسخينه إلى درجة حرارة عالية لأن تلك الجسيمات في هاتين الحالتين تتبعثر من جديد.
كذلك الناس يوجد بداخلهم إحساس وشعور وميول ورغبة وتحدى ونفس حائرة تريد من يرشدها للطريق. فعندما يتأثرون بشخصية أو فكر أو بثقافة ما فإن (جسيماتهم الإحساسية والشعورية) تتوجه في اتجاه ما يؤثر عليها سواءً كان جيداً أم غير جيد مما قد يؤدي إلى حصولنا على مغناطيس دائم أو مؤقت بحسب طريقة المغنطة. فلذلك قد يجد المُصلح صعوبة في فك شفرة تلك الجسيمات من أجل إعادة برمجتها وترتيبها بالاتجاه الصحيح ليكون المغناطيس مغناطيساً حقيقياً إيجابياً ودائماً وقوياً.
ورغم كل هذه القوة الحديدية، وحسن اختياره عند الترابط مع بعض إخوته، قد يخطيء ويرتبط الحديد مع أخ يبدو على ظاهره بأنه سر الحياة والوجود وهو غاز الأكسجين ظناً منه أنه سيعيش عبر تنفسه ويرتقي ويتطور، ولكنه بعد فترة من الاستنشاق والارتباط الخادع يكتشف بأنه يجب أن يفك الارتباط حالاً لأنه يحتضر بسبب تكون الصدأ (باطن الأكسجين الخفي في هذه الحالة). قد يفكر الحديد في هذه الحالة بأنه لو لم يلمّه في أحضانه بحب ساذج، ولو أنه تريث قليلاً ليعرفه على حقيقته أو حتى ليتزود بمناعة تمنع الصدأ لكان في حال أفضل، فبعضنا في هذه الحالة يبكي بدون فائدة وينعزل عن المجتمع وينتظر يومه المحتوم. والبعض الآخر الذكي الذي هو حقاً حديدٌ صُلب، يُصّر ويقاوم الصدأ بنفسه وقد يتصل بأهل الاختصاص لتدارك الأمر قبل فوات الأوان، عندها سيجد بأن الصدأ يزول ويزول إلى أن ينتهي تماماً من الوجود
السبت مارس 30, 2013 1:41 pm من طرف manar ahmed
» حل مسائل المعايرة للبكالوريا
السبت مارس 30, 2013 1:33 pm من طرف manar ahmed
» ما المقصود بالفوسفور الأبيض الذي استخدمته إسرائيل ضد المدنيين في حربها الغاشمة على غزة؟
الإثنين يناير 11, 2010 6:00 pm من طرف دعاء
» هل الأرض في مشكلة حقاً
الخميس يناير 07, 2010 5:40 pm من طرف شادي
» هل الأرض في مشكلة حقاً
الخميس يناير 07, 2010 5:40 pm من طرف شادي
» هل الأرض في مشكلة حقاً
الخميس يناير 07, 2010 5:39 pm من طرف شادي
» هل الأرض في مشكلة حقاً
الخميس يناير 07, 2010 5:12 pm من طرف فاطمة الخليف
» الروث والطاقة
الخميس يناير 07, 2010 4:26 pm من طرف ميس بلول
» سيارة جديدة من كيا موتورز
الخميس يناير 07, 2010 4:08 pm من طرف شادي
» الهوائيات النانوية ...مصادر للطاقة الكهربائية
الأحد يناير 03, 2010 5:55 pm من طرف شادي